24‏/5‏/2013

الزكاة فريضة شرعية


الزكاة فريضة شرعية
تاريخ الخطبة: 27/ جمادى الآخر/ 1433هـ – 18/5/2012م

قال تعالى:(( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها...))([1]).
من كلام نبينا e : (ثلاث مَنْ فعلهن فقد طعِم طعْم الإيمان من عَبَدَ الله وحده، وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نَفسُه...)([2]).
من علامات الإيمان التي أرتضِيها لنفسي وإياكم أن نُخضِع أنفسنا لامتحانٍ أمام الأوامر والنواهي الشرعية، ومن ذلك مراقبة شعورنا وقت أعطاء زكاة أموالنا، هل نجد حلاوة الإيمان؟ وهل نشعر بطيبة أنفسنا ساعة إخراجها؟ من وجد ذلك فليحمد الله فهو على خير، ومن لم يجد فليبكِ على نفسه وفي ذكر أسلافنا الصالحين تنْهَض الهمم وتطيبُ النفوس.
قال أبي بن كعب t : (بعثني رسول الله e على صدقةِ (بلِيٍّ وعُذرَة)([3]) فمررت على رجل من بلي له ثلاثون بعيراً فقلت له: إن عليك في إبلكَ هذه بنت مخاض([4]). قال: ذاك ما ليس فيه ظهر ولا لبن، وإني أكره أن أقرِضَ الله (جل وعلا) شرَّ مالِي فتخَيَر، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها. فقلت له: ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به، وهذا رسول الله e منك قريب، فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت عليَّ فافعل فان قبله منك قبلته وان رده عليك رَدَدْتُه، قال: فاني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله e فقال نحوا مما قال لأبَي، فقال له رسول الله e: ذاك الذي عليك فان تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك، قال: فها هي ذِهْ يا رسول الله قد جئتك بها فخذها قال: فأمر رسول الله e بقبضها ودعا له في ماله بالبركة. قال عمارة: فضرب الدهر ضربة فمررت بهذا الرجل فصدّقت ماله ثلاثين حِقة([5]) فيها فحلها على الألف وخمس مائة بعير)([6]).
في هذه الأيام – ومع قسوة ظروف بعض الناس- يؤخذ في العبادات المالية بالأحوط وبما يخدم مصلحة الفقير، وبرزق النفسَ الشحيحة شفاءً وعافية.قال علماء الاجتماع (الغنى وظيفة اجتماعية) وقد سبقهم القرآن الكريم بهذا المعنى في قوله تعالى: (( ... وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه... )([7])
وما دام الله هو المتفضل بالعطاء فهو ذاته المتفضل بالبركة فيه، إذا أدى المسلم حق الله فيه. (( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ))([8]).

وقد أكد معنى هذه الآية رسول الله e في قوله: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً حلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)([9]).
عن جابر t قال: (أتى رسول الله e بني عمرو بن عوف t يوم الأربعاء... فقال: يا معشر الأنصار! قالوا: لبيك يا رسول الله، فقال: كنتم في الجاهلية إذ لا تعبدون الله تحملون الكلَّ وتفعلون في أموالكم المعروف وتفعلوا إلى ابن السبيل حتى إذا مَنَّ الله عليكم بالإسلام وبنبيه إن أنتم تُحَصِنون أموالكم؟ وفيما يأكل ابن آدم أجر وفيما يأكل السبع والطير أجر. قال: فرجع القوم فما منهم من أحدٍ إلا هدم من حديقته ثلاثين باباً)([10]).  

هذا وان خير الكلام كلام رب العالمين: قال تعالى: (( يأيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ))([11]).

الخطبة الثانية
ما الذي على النساء في ذهب الزينة؟ قالا الإمام الخطابي في كتابه القيم (معالم السنن) حليّ الذهب الذي تتزين به النساء (الظاهر من الآيات يشهد لقول من أوجبها([12]) والأثر يؤيدها، ومن أسقطها ذهَبَ إلى النظر ومعه طرَف من الأثر، والاحتياط أداؤها والله اعلم) وهذا كلام متين، اختاره لأهلي ولأخواتي النساء.




قالا الإمام الشعبي (رحمه الله): (سمعتُ فاطمة بنتَ قيس (رضي الله عنها) تقول: أتيتُ النبي e بطوْق([13]) فيه سبعون مثقالاً من ذهب فقلتُ: يا رسول الله! خذ منه الفريضة التي جعل الله. قالت: فأخذ رسول الله e مثقالاً وثلاثة أرباع المثقال، فوجَّهَه، قالت: فقلتُ: يا رسول الله! خذ من الذي جعل الله فيه، فقال: يا فاطمة! إن الحق عز وجل لم يبق لكِ شيئاً. قالت: يا رسول الله رضيت نفسي ما رضي الله عز وجل به ورسوله)([14]).


[1] [التوبة: ١٠٣].
[2] [1821/ السلسلة الصحيحة].
[3] [قوم من حلفاء الأنصار].
[4] [وهي التي لها سنة ودخلت في الثانية].
[5] [ما طعن في الرابعة من الإبل في الذكر والأنثى واستحق أن يحمل عليه].
[6] 1584/ صحيح أبي داود – 664/ جـ1 / صحيح ابن حبان].
[7] [الحديد: ٧].
[8] [سبأ: ٣٩].
[9] [متفق عليه].
[10] [4/148/ رواه الحاكم].
[11] [فاطر:15].
[12] [يعني الزكاة].
[13] [حُلي للعنق يحيط به].
[14] [1876/ السلسلة الصحيحة/ ورواه أبو الشيخ في جزئه بسند صحيح].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق